الحق المبين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إسلامي


2 مشترك

    الورقة الضائعة

    شموع
    شموع


    عدد المساهمات : 7
    نقاط : 21
    تاريخ التسجيل : 17/07/2010

    برنامج الورقة الضائعة

    مُساهمة من طرف شموع الأحد يوليو 18, 2010 3:51 am

    قصة الورقة الضائعة
    للعلامة المحدث
    : محمد ناصر الدين الألباني
    يروي الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في
    مقدمة كتابه ( فهرس مخطوطات المكتبة الظاهرية) فيقول :
    ( ولم يكن ليخطر ببالي ،
    وضع مثل هذا الفهرس ، لأنه ليس من اختصاصي ، وليس عندي متسع من الوقت ليساعدني عليه
    ، ولكن الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئاً هيّأ أسبابه ، فقد ابتليت بمرض خفيف أصاب
    بصري ، منذ أكثر من اثني عشر عاماً ، فنصحني الطبيب المختص بالراحة وترك القراءة
    والكتابة والعمل في المهنة ( تصليح الساعات ) مقدار ستة أشهر .

    فعملت
    بنصيحته أول الأمر ، فتركت ذلك كله نحو أسبوعين ، ثم أخذت نفسي تراودني ، وتزين لي
    أن أعمل شيئاً في هذه العطلة المملة ، عملاً لا ينافي بزعمي نصيحته ، فتذكرت رسالة
    مخطوطة في المكتبة، اسمها (ذم الملاهي) للحافظ ابن أبي الدنيا ، لم تطبع فيما أعلم
    يومئذ ، فقلت : ما المانع من أن أكلف من ينسخها لي ؟ وحتى يتم نسخها ، ويأتي وقت
    مقابلتها بالأصل ، يكون قد مضى زمن لا بأس به من الراحة ، فبإمكاني يومئذ مقابلتها
    ، وهي لا تستدعي جهداً ينافي الوضع الصحي الذي أنا فيه ، ثم أحققها بعد ذلك على مهل
    ، وأخرج أحاديثها ، ثم نطبعها ، وكل ذلك على فترات لكي لا أشق على نفسي !
    فلما
    وصل الناسخ إلى منتصف الرسالة ، أبلغني أن فيها نقصاً ، فأمرته بأن يتابع نسخها حتى
    ينتهي منها ، ثم قابلتها معه على الأصل ، فتأكدت من النقص الذي أشار إليه ، وأقدره
    بأربع صفحات في ورقة واحدة في منتصف الكراس ، فأخذت أفكر فيها ، وكيف يمكنني العثور
    عليها ؟ .

    والرسالة محفوظة في مجلد من المجلدات الموضوعة في المكتبة تحت
    عنوان ( مجاميع ) ، وفي كل مجلد منها على الغالب عديد من الرسائل والكتب ، مختلفة
    الخطوط والمواضيع ، والورق لوناً وقياساً ، فقلت في نفسي ، لعل الورقة الضائعة قد
    خاطها المجلد سهواً في مجلد آخر ، من هذه المجلدات ! ، فرأيتني مندفعاً بكل رغبة
    ونشاط باحثاً عنها فيها ، على التسلسل .

    ونسيت أو تناسيت نفسي ، والوضع
    الصحي الذي أنا فيه ! .

    فإذا ما تذكرته ، لم أعدم ما أتعلل به ، من مثل
    القول بأن هذا البحث لا ينافيه ، لأنه لا يصحبه كتابة ولا قراءة مضنية
    !.

    وما كدت أتجاوز بعض المجلدات ، حتى أخذ يسترعي انتباهي عناوين بعض
    الرسائل والمؤلفات ، لمحدثين مشهورين ، وحفاظ معروفين ، فأقف عندها ، باحثاً لها ،
    دارساً إياها ، فأتمنى لو أنها تنسخ وتحقق ، ثم تطبع ، ولكني كنت أجدها في غالب
    الأحيان ناقصة الأطراف والأجزاء ، فأجد الثاني دون الأول مثلاً ، فلم أندفع
    لتسجيلها عندي ، وتابعت البحث عن الورقة الضائعة ، ولكن عبثاً حتى انتهت مجلدات (
    المجاميع ) البالغ عددها ( 152) مجلداً ، بيد أني وجدتني في أثناء المتابعة أخذت
    أسجل في مسودتي عناوين بعض الكتب التي راقتني ، وشجعني على ذلك ، أنني عثرت في
    أثناء البحث فيها على بعض النواقص التي كانت من قبل من الصوارف عن التسجيل
    .

    ولما لم أعثر على الورقة في المجلدات المذكورة ، قلت في نفسي : لعلها خيطت
    خطأ في مجلد من مجلدات الحديث ، والمسجلة في المكتبة تحت عنوان (حديث) !.
    فأخذت
    أقلبها مجلداً مجلداً ، حتى انتهيت منها دون أن أقف عليها ، لكني سجلت عندي ما شاء
    الله من المؤلفات والرسائل .

    وهكذا لم أزل أعلل النفس وأمنيها بالحصول على
    الورقة ، فأنتقل في البحث عنها بين مجلدات المكتبة ورسائلها من علم إلى آخر ؛ حتى
    أتيت على جميع المخطوطات المحفوظة في المكتبة ، والبالغ عددها نحو عشرة آلاف
    (10000) مخطوط ، دون أن أحظها بها ! .( قلت : لعلها أحظى بها ) .

    ولكني لم
    أيأس بعد ، فهناك ما يعرف بـ (الدست) ، وهو عبارة عن مكدسات من الأوراق والكراريس
    المتنوعة التي لا يعرف أصلها ، فأخذت في البحث فيها بدقة وعناية ، ولكن دون جدوى
    .

    وحينئذ يأست من الورقة ، ولكني نظرت فوجدت أن الله تبارك وتعالى قد فتح لي
    من ورائها باباً عظيماً من العلم ، طالما كنت غافلاً عنه كغيري ، وهو أن في المكتبة
    الظاهرية كنوزاً من الكتب والرسائل في مختلف العلوم النافعة التي خلفها لنا أجدادنا
    رحمهم الله تعالى ، وفيها من نوادر المخطوطات التي قد لا توجد في غيرها من المكتبات
    العالمية ، مما لم يطبع بعد .

    فلما تبين لي ذلك واستحكم في قلبي ، استأنفت
    دراسة مخطوطات المكتبة كلها من أولها إلى آخرها ، للمرة الثانية ، على ضوء تجربتي
    السابقة التي سجلت فيها ما انتقيت فقط من الكتب ، فأخذت أسجل الآن كل ما يتعلق بعلم
    الحديث منها مما يفيدني في تخصصي ؛ لا أترك شاردة ولا واردة ، إلا سجلته ، حتى ولو
    كانت ورقة واحدة ، ومن كتاب أو جزء مجهول الهوية ! .

    وكأن الله تبارك وتعالى
    كان يعدّني بذلك كله للمرحلة الثالثة والأخيرة ، وهي دراسة هذه الكتب ، دراسة دقيقة
    ، واستخراج ما فيها من الحديث النبوي مع دراسة أسانيده وطرقه ، وغير ذلك من الفوائد
    .
    فإني كنت أثناء المرحلة الثانية ، ألتقط نتفاً من هذه الفوائد التي أعثر عليها
    عفواً ، فما كدت أنتهي منها حتى تشبعت بضرورة دراستها كتاباً كتاباً ، وجزءاً جزءاً
    .

    ولذلك فقد شمرت عن ساعد الجد ، واستأنفت الدراسة للمرة الثالثة ، لا أدع
    صحيفة إلا تصفحتها ، ولا ورقة شاردة إلا قرأتها ، واستخرجت منها ما أعثر عليه من
    فائدة علمية ، وحديث نبوي شريف ، فتجمع عندي بها نحو أربعين مجلداً ، في كل مجلد
    نحو أربعمائة ورقة، في كل ورقة حديث واحد ، معزواً إلى جميع المصادر التي وجدتها
    فيها ، مع أسانيده وطرقه ، ورتبت الأحاديث فيها على حروف المعجم ، ومن هذه المجلدات
    أغذي كل مؤلفاتي ومشاريعي العلمية ، الأمر الذي يساعدني على التحقيق العلمي ، الذي
    لا يتيسر لأكثر أهل العلم ، لا سيما في هذا الزمان الذي قنعوا فيه بالرجوع إلى بعض
    المختصرات في علم الحديث وغيره من المطبوعات ! .

    فهذه الثروة الحديثية
    الضخمة التي توفرت عندي ؛ ما كنت لأحصل عليها لو لم ييسر الله لي هذه الدراسة بحثاً
    عن الورقة الضائعة !
    فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات )
    الحق المبين
    الحق المبين
    Admin


    عدد المساهمات : 37
    نقاط : 81
    تاريخ التسجيل : 17/07/2010

    برنامج رد: الورقة الضائعة

    مُساهمة من طرف الحق المبين الثلاثاء يوليو 20, 2010 10:56 am

    الورقة الضائعة 696208395743115505

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 6:05 am