الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المخلصين وخاتم النبيين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ،
وبعد :
الحديث حول الإخلاص حديث عظيم ، إذ هو اساس كل عمل وعمود كل عبادة ونسك ، فلا يخلوا عمل منه الا كان هباء منثورا ،
فلا بد لكل عامل وعابد ان يستحضر الإخلاص بداية كل عمل ، وأن يجعل نصب عينيه إخلاص العمل لله عز وجل ، وأن يجاهد نفسه في أن لا يدخل في عمله رياء ولا خلل ،
عملا بقول رب العالمين
((وما أمروا الا لعبدو الله مخلصين له الدين ))
وعملا بقول خير البريات
((إنما الأعمال بالنيات ))
فمن أخلص لله نجا ، ومن أشرك بالله هلك ،
والإخلاص من أشق الأعمال على النفس واصعبها فكما أنه اساس كل عمل ، فإن الشيطان يسعى جاهدا على افساده ليفسد بذلك كل عمل ،
ولا ينجو من كيد الشيطان الا من أخلص للرحمن
(((لأقعدن لهم صراطك المستقيم ، الا عبادك منهم المخلصين )))
فأوصي نفسي وإياكم بإخلاص العمل لله عز وجل ، واتباع خير من اخلص في كل عمل نبي الهدى وإمام اهل التقى ،
فلا يستقيم عمل الا بشرطين أساسيين وهما الإخلاص والمتابعة
فمن أخلص ولم يتبع لم يقبل منه ومن اتبع ولم يخلص لم يقبل منه
إذ لا سبيل الى الوصول الى مرضات الله الا بالعمل بهذين الشرطين
ومن مشقة الإخلاص على النفوس ، قال عنه الأولون أقوالا عجيبة وكلاما يستحسن أن نذكره في هذه الصفحة المتواضعة :
يقول الإمام الثوري وهو إمام من أئمة أهل الحديث والأثر
((ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي ، إنها تنقلب علي ))
وقيل لسهل بن عبدالله رحمه الله
((أي شيء أشد على النفس ؟ قال الإخلاص ، لأنه ليس لها فيه نصيب))
ويقول يوسف بن الحسين الرازي رحمه الله
((أعز شيء في الدنيا الإخلاص ، وكم أجتهد في اسقاط الرياء عن قلبي وكأنه ينبت فيها على لون آخر ))
ويقول عبدالله بن مطرف
((تخليص العمل حتى يخلص أشد من العمل ))
رحم الله سلفنا الصالح مع أنهم من أئمة الخير والصلاح نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا
إلا أنهم يجاهدون أنفسهم ويحذرون أن يذهب منهم الإخلاص
والكثير منا قد أمن على نفسه الرياء وضمن لها الإخلاص حتى ان الواحد منا ليسمع آيات وأحاديث تحث على الإخلاص وكأنه ليس المعني بها
اسأل الله ان يجعلني واياكم من عباده المخلصين وأن لا يجعل للشيطان في اعمالنا نصيبا ،
والحمد لله رب العالمين ..
كتبه أخوكم الراجي عفو ربه والجنة :عبدالله الغريب البكري
في يوم السبت الخامس من شعبان سنة 1431لهجرية خير البرية صلوات الله وسلامه عليه .